عائلات الأسرى تعيش حياة قاسية وتطالب بعدم تجاهلها من السلف
طالت الأزمة المالية الخانقة التي يمر بها الشعب الفلسطيني بعد الحصار الذي فرض عليه كافة شرائح المجتمع الفلسطيني، وكانت شريحة الأسرى وذويهم الأكثر تضررا وآلاما، لتجاهلها من السلف سوى مرة واحدة طوال الشهور العشرة الماضية.
ففي مئات البيوت تتكرر ذات المأساة، فقد اعتقل الاحتلال المعيل الوحيد لهذه العائلات وترك أمهات يكابدن الحياة مع أطفالهن، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقد حول الحصار حياة هذه الأسر إلى حياة قاسية وصعبة لعدم قدرتها على توفير احتياجات هؤلاء الأطفال الأبرياء.
الأكثر مرارة وقساوة كما تقول الأمهات أن السلف التي صرفت للموظفين لم تشمل عائلات الأسرى وأطفالهم، سوى مرة واحدة لبعضها الأمر الذي ولد في نفوس الكثيرين الضيم والآلام وضاعف الحرمان وولد شعورا ليدها بأنها أقل أهمية من غيرها.
ظروف قاسية وآلام متجددة
منذ توقف الرواتب قبل نحو ثمانية شهور تضاعف عدد المراجعين لمكتب وزارة شؤون الأسرى في مدينة الخليل والكل يسأل عن الرواتب وفيما إذا صرفت أم لا؟ أما الجواب المعتاد كما تقول الأمهات هو: لا ندري. ويشكو مكتب البريد في الخليل هو الآخر من الازدحام لكثرة المراجعين الباحثين عن الرواتب. وتقول أم محمد وهي أم لسبعة أطفال وزوجها معتقل منذ عدة سنوات إنها لم تمر بظروف أقسى من الظروف التي تمر بها هذه الأيام، مؤكدة أنها استقبلت رمضان والعيد والعام الدراسي الجديد دون أن تتمكن من توفير رغبات أبنائها.
وتساءلت أم محمد: لماذا صرفت الحكومة رواتب للمعلمين وباقي الموظفين عدة مرات ولم تصرف لنا سوى مرتين خلال هذا العام؟ ألا يستحق أزواجنا وأبناؤنا أن يجد أطفالهم ونساؤهم من يوليهم الاهتمام والرعاية.
وقالت إن الحصار الذي يمارسه العالم علينا هو لثبات مواقفنا ولعزمنا على عدم التفريط بحقوقنا، لكن لا بد أن يكون الاهتمام بنا كسائر الموظفين وعدم اعتبارنا فئة ثانوية، لأن كثيرا من الاحتياجات تنقصنا.
أطفال محرومون من الأبوة والحياة السعيدة
من جهتها تشير زوجة أسير آخر إلى أن أبناء الأسرى أصبحوا فئة مختلفة وأقل أهمية بين طلبة المدارس لأنهم لم يتمكنوا من إكمال استعداداتهم للمدارس، كما أن الكثيرين منهم لا يأخذون معهم مصروفا كباقي الطلبة ولو مرة واحدة في الأسبوع. وطالبت والدة هذا الأسير برفع الحصار عن الشعب الفلسطيني، وعدم تأخير عائلات الأسرى مما يتوفر من رواتب وميزانية لدى الحكومة، مشيرة إلى أنه لا يجوز لعائلات المجاهدين أن تتحول إلى عائلات متسولة.
وتقول أم أحمد والدة أسير اعتقل قبل تسعة شهور إن ابنها كان العائل الوحيد لها ولأطفالها الصغار، لكن مع اعتقاله أصبحت حياتها قاسية وصعبة ولا تملك أي مصدر دخل يساعدها في تحمل أعباء الحياة.
وأضافت لا يمكن محاسبة الأسرى على أعمالهم النبيل بوقف رواتبهم، ولا ندري لماذا تصرف الرواتب لكافة الموظفين باستثناء الأسرى، موضحة أن ابنها لم يتلق أي راتب من وزارة الأسرى أو من الجهة التي ينتمي إليها منذ أكثر من تسعة شهور.
وتطالب أم أحمد الحكومة ورئيس الوزراء والرئيس الفلسطيني أن يضعوا قضية الأسرى وعائلاتهم التي تراكمت عليها الديون في سلم اهتماماتها، وأن يصرف لها سلفا كما يصرف لباقي الموظفين.
اعتقل المعيل وبقيت العائلة تعاني
بدوره يقول والد أحد الأسرى الذي فضل عدم ذكر اسمه حرجا من الظرف الذي يعيشه: أنا كبير في السن ولا أستطيع أن أعمل وكان ابني البكر يتحمل عنا كثيرا من المصاريف إضافة لرعايته لزوجته وطفليه، أما الآن مع اعتقاله فقد ساءت أمورنا. وأضاف توجهنا للجهات المعنية وسجلنا في وزارة الأسرى على أمل أن يساعدنا راتبه في تسيير أمورنا لكن منذ عدة شهور لم يصرف لنا شيء، وأصبحنا لا نجد أجرة المواصلات من الخليل إلى مدينة رام الله لمشاهدته وحضور محاكمته في محكمة عوفر.
وتساءل: المعلمون وزوجاتهم أخذوا عدة سلف، مع أنهم خارج السجن ويستطيعون تسيير أمورهم والعمل الحر وكثير منهم أضربوا ولم يتوقفوا عن العمل، كما أن كثيرا من أفراد الأجهزة الأمنية يبحثون عن عمل آخر ويوفرون لأنفسهم الدخل، أما المعتقلين الذين لا تعمل زوجاتهم فكيف يتدبرون أمورهم؟ أعتقد أنه ليس من العدل أن يحرم أطفال المعتقلين من السلف وأن يشعروا بأنهم فئة أقل من غيرهم.
تحرك عاجل
ختاما يطالب أهالي الأسرى المجتمع الدولي وذوي القلوب الرحيمة وإخوانهم في الدين أن يرفعوا عنهم الحصار، وأن يسمحوا للأطفال الأبرياء أن يعيشوا عيشة هنيئة وسليمة، كما يطالبون الحكومة بأن لا تدرج أسماء المعتقلين في ذيل قوائم المالية من حيث الرواتب والسلف.